الإعتراض : لقد ﺗﻨﺒﺄ الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني في ﻣﻜﺎﻧين من كتبه أنه لن تقوم دولة ﻟﻠﻴﻬﻮد قط، وﻟﻜﻨﻬﺎ قد قاﻣﺖ؟

الردّ:

كان الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني ﻳﻔﻨّﺪ أن يكون الدجال من اليهود، وكان ﻳﺴﺘﺪل على ذلك ﺑﻘﻮله تعالى “وَجَاعِلُ ٱلَّذِینَ ٱتَّبَعُوكَ فَوۡقَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوۤا۟ إِلَىٰ یَوۡمِ ٱلۡقِیَـٰمَةِ” .. ولم ﻳﻘـﻞ في استدﻻله أن إﺳـﺮاﺋﻴﻞ لن تقوم، بل قال إنه لن يكون اليهود أقوى من المسيحيين قط، ولن يكون الدجال ﻳﻬﻮديا، بل من أمة النصارى.

وفيما يلي العبارة الأولى التي اﺣﺘﺞّ بها المعارضون في سياﻗﻬﺎ. قال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني: “وكيف يمكن أن يحدث الدجال من قوم اليهود وقد ضربت الذلّة والمسكنة عليهم إلى يوم القيامة، فهم لا يملكون الأمر أبدا ولا يغلبون. ألا تقرؤون وعد الله .. أعني قوله: {وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا} . ألا تتفكرون؟ ألا تتدبّرون في القرآن كيف وضع كل غير الله تحت أقدامنا وبشرنا بعلو كلمة التوحيد إلى يوم القيامة، فكيف يزيغ قلوبكم وتؤمنون بما يعارض القرآن وتلحدون؟ أيجعل الله لذاته شريكا في آخر الزمان ولو إلى أيام معدودات؟ ألا ساء ما تحكمون! (المصدر: كتاب اﻟﺘﺒﻠﻴﻎ)

أما العبارة الثانية فليس فيها ما ﻧــﻀﻴﻒ سوى أن نقول أن الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني بيّن أنه لن تكون هناك ﻟﻠﻴﻬﻮد دولة أعظم من دول النصارى. وها هي إﺳﺮاﺋﻴﻞ ﻻ ﻗﻴﻤـﺔ لها وﻻ معنى من غير اﻟﻐـﺮب، ولن ﺗـﺼﻤﺪ دقائق من غيرهم. إذن، هو ﺗﻔـﺴير و ليس نبوءة. نعم، سيظل اليهود ﻳﻌﻴـﺸﻮن دائما تحت ﻣﻠِﻚٍ من الملوك صاغرﻳﻦ ﻣﻘﻬﻮرﻳﻦ وﻻ يكون لهم ﻣُﻠـﻚ ﻣـﺴﺘﻘﻞ إلى اﻷبد، ولو ﻣَﻠَﻜـﻮا فهو ﻣُﻠـﻚ ﻻ ﻳــﺴﺘﺤﻖ أن ﻳــﺴﻤﻰ ﻣُﻠﻜًــﺎ ما داموا ﻻ يقدرون على حماﻳﺘــﻪ وحدهم. وهو ذلّ وﺻــﻐﺎر. وكل من ﻳﻌﺘﻤﺪ على غيرﻩ في اﺳﺘﻤﺮار وجودﻩ فهو ذليل مرعوب. ثم إن إقامة دولة ﻟﺒﻀﻊ عشرات من السنين ﻻ ﻳقارن بدول النصارى واﻣبراﻃﻮرياتهم، وﻻ بالدولة الإسلامية التي اﻣﺘــﺪت مئات السنين وغيرت وجه الحضارة.

وفيما يلي العبارة الثانية في سياﻗﻬﺎ.

قال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني: “ثم بعد ذلك إذا نظرنا إلى كلام الله تعالى فوجدناه أيضا مخالفا لظواهرِ أحاديثِ خروج الدجّال، وما وجدنا فيه احتمالا ضعيفا وإشارة وهمية إلى ذلك، بل هو يجوح هذه الخيالاتِ بالاستئصال التام. ألم يكفِ لطالب قولُه تعالى: {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}؟ ولا يخفى على المتدبر أن هذه الآية دليل قطعي على أن المسلمين والنصارى يرِثون الأرض ويتملكون أهلها إلى يوم القيامة، لأن المسلمين اتبعوا المسيح اتّباعًا حقيقيا، والنصارى اتبعوه اتّباعًا ادّعائيا. وقد وقع في الخارج كما قال الله تعالى، وكانت الكَرّة الأولى للمسلمين في غلبتهم على الأرض، ثم في زماننا هذا غلبت النصارى ونسلوا من كل حدب. فوقع كما أُخبر عنه في الآية الكريمة، فالآية تحكم أن التملّك والغلبة محدود في المسلمين والنصارى إلى يوم القيامة، والدجّال المعهود المتصوَّر في أذهان المسلمين لا يكون على عقيدة النصارى ولا على عقيدة أهل الإسلام، بل هو بزعمهم يخرج بادّعاء الألوهية ويقول إني إله من دون الله، ويغلب أمره على الأرض كلها غير مكة وطيبة، فهذا يُخالف نص القرآن الكريم لأن القرآن، كما ذكرت آنفا، قد وعد لمتّبعي عيسى ابن مريم – عليه السلام – وعدًا مؤكّدًا بالدوام وقال: {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ}. ومعلوم أن الدجّال الذي ينتظره قومُنا هو بزعمهم ليس مِن متّبعي عيسى – عليه السلام -، ولا يؤمن بالمسيح ولا بإنجيله، وما ذهب أحد من علماء المسلمين إلى أنه يؤمن بعيسى ابن مريم، بل يقولون إنه يقول إني أنا الله، ولا يؤمن بالله ولا بأحد من الأنبياء، فالقرآن لا يجوِّز له موضعَ قدم في زمان من الأزمنة، بل يخبر عن غلبة المسلمين أو غلبة النصارى إلى يوم القيامة. فأيُّ دليل يكون أوضح من هذا على إبطال وجود الدجّال المفروض، وعلى ثبوت كذب قول القائلين؟ وأنت تعلم أن القرآن يقيني قطعي وليس كمثله حديث في التواتر وحفظِ الحق وعصمتِه، فافهَمْ إن كنت من الطالبين. وأما قول بعض العلماء أن الدجّال يكون من قوم اليهود .. فهذا القول أعجب من القول الأوّل، لا يقرأون في القرآن آية: {وَضُرِبَتْ عَلَيْهِم الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ}، فالذين ضرب الله عليهم إلى يوم القيامة كل ذلة، وأخبر في كتابه الكامل المحكم أن اليهود يعيشون دائما تحت ملِكٍ من الملوك صاغرين مقهورين ولا يكون لهم مُلك إلى الأبد، كيف يخرج منهم الدجّال ويملك الأرض كلها؟ ألا إن كلمات الله صادقة لا تبديل لها، ولكن القوم ما علموا معاني الأحاديث وما فهموها حق فهمها، والله يمنّ على من يشاء من عباده فيُفهّمه ما لم يُفهِّم أحدا من العالمين.” ( المصدر: كتاب حمامة البشرى)

Previous post

الإﻋﺘﺮاض: ﺗﻨﺒﺄ الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني ﺑـﺰوال اﻻﻣبراﻃﻮرية البريطانية خلال ثماني ﺳـﻨﻮات، ولكن ذلك لم يتحقق.

Next post

الإعتراض : ما هو ﺗﻔﺴير المنام الذي رأى فيه الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني أنه قد أﺻﺒﺢ الله؟ أليس معناﻩ أنه ﻳﺸﺒﻪ الله بالبشر؟ أﻻ يعني هذا أنه يدﻋﻲ اﻷلوﻫﻴﺔ؟

إرسال التعليق