الإعتراض : يقول الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني أن ﻋﻤــــﺮ الكرة الأرضية ستة آﻻف سنة، ﺑﻴﻨﻤــــﺎ المعروف أن ﻋﻤﺮها ﻣﻼﻳــــين أو ﻣﻠﻴﺎرات السنين، ﻓﻤﺎ ردكم؟

الردّ:

ليس المراد من ذلك اﻟﻔـترة الزﻣﻨﻴـﺔ منذ ﺧﻠَـﻖ الله هذه الدنيا وإلى أن تقوم اﻟﻘﻴﺎمة اﻟﻜـبرى، ﻓﻤــﻦ المعروف أن الديناصورات كانت قبل هذه اﻟﻔــترة ﺑــﺂﻻف السنين، وﻻ ﻳﻨﻜــﺮ أحد أن تارﻳﺦ الدنيا منذ خلقها الله موﻏــﻞ في القدم. لم ﻳــترك الإمام ميرزا غلام أحمد القاديانيهذا اﻟﻠــﺒﺲ، بل دﻓﻌــﻪ بوضوح فقال أثناء حديثه عن ﻋﻤﺮ الدنيا ما ﺗﻌﺮﻳﺒﻪ:
“إن كان تارﻳﺦ خلق السماوات واﻷرﺿين ﻳﻀﻢ مئات اﻷلوف من اﻟﺴﻨﻮات أو ﻣﻼﻳين السنين فلا ﻳﻌﻠﻤﻬــﺎ إﻻ الله، غير أن اﻟﻔــترة الزﻣﻨﻴــﺔ منذ وﻻدة أبي نوع البشر آدم ﺻــﻔﻲّ الله إلى ﻋــﺼﺮ النبي صلى الله عليه وسلم هي كما أﺳــــﻠﻔنا، أي 4739 عاما بحــــﺴﺎب التقويم القمري و4598 عاما بحسب التقويم اﻟﺸﻤﺴﻲ”. (المصدر: كتاب التحفة الغوﻟﺮوية).
لقد ﺗﻌﺮض الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني لهذا الموضوع في عديد من كتبه. ولكنه ﺣﻴﺜﻤﺎ ذكر الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني ﻋﻤﺮ الدنيا بيّن بوضوح تام أن المقصود من هذا اﻟﻌﻤﺮ هو اﻟﻔترة الزﻣﻨﻴﺔ الممتدة من آدم إلى زﻣﻨنا الراﻫﻦ. فاﻟﻔترة ما بين آدم والنبي الكريم ﻋﻠﻴﻬﻤــﺎ السلام هي خمسة آﻻف سنة ﺗﻘﺮيبًا- حيث أوﺣﻰ الله سبحانه وتعالى للإمام ميرزا غلام أحمد القادياني بأن هذه اﻟﻔـترة ﺗـﺴﺎوي ما ﺗـﺴﺎويه “سورة اﻟﻌـﺼﺮ” في ﺣﺴﺎب الجمّل – وبعد ذلك ﻣﻀﻰ ألف عام، ثم في اﻷلف السابع وُلد الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني .
و مما يدل على أن الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني كان يقول بأن ﻋﻤﺮ البشرية ﻃﻮيل هو جوابه على البروفيسور ريج البريطاني حين سأله السؤال التالي : قد ورد في الكتاب المقدس أن آدم، أو يمكن أن تقولوا أول إنسان، خُلق في جيحون وسيحون وهو كان بلده، فهل هؤلاء المقيمون في شتى بقاع الأرض مثل أميركا وأستراليا وغيرهما هم أولاد ذلك الآدم؟
فقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني: “أنا لا أقبل بذلك ولا أتبع التوراة بخصوص هذه المسألة، أن العالم بدأ قبل ستة أو سبعة آلاف سنة حين خُلق هذا الآدم، ولم يكن قبل ذلك شيء، وكأن الله سبحانه وتعالى كان عاطلا. ولا أدعي أن كل هذا النسل الإنساني الموجود حاليا في شتى بقاع العالم هو نسل ذلك الآدم حصرا. بل أؤمن بوجود النسل الإنساني حتى قبل هذا الآدم كما يتبين من كلمات القرآن الكريم حيث قال الله سبحانه وتعالى : ” إِنِّي جَاعِلٌ فِي الَْأرْضِ خَلِيفَةً” (البقرة:30) فالخليفة من يخلف أحدا، ومن هنا يتبين بجلاء أن المخلوق كان موجودا حتى قبل آدم، فلا نستطيع أن نقول عن سكان أميركا أو أستراليا وغيرهم، إنهم ذرية هذا الآدم أو من سلالة آدم آخر.هناك قول لحضرة محي الدين ابن عربي يناسب سؤالك، فقد كتب: ذهبت للحج فلقيت هناك شخصًا ظننته آدم، فسألته أأنت آدم؟ فقال عن أي آدم تسألني؟ فقد خلا آلاف الأوادم (1).”

  1. قال محيي الدين ابن عربي : ” أراني الحق تعالى فيما يراﻩ اﻟناﺋﻢ .. وأنا أﻃـﻮف باﻟﻜﻌﺒـﺔ مع ﻗـﻮم من الناس ﻻ أﻋـﺮفهم بوجوﻫﻬﻢ، فأﻧﺸﺪونا ﺑﻴﺘين ﻧﺴﻴﺖ أحدهما وأذكر اﻟﺜﺎني وهو : (لقد ﻃﻔنا كما ﻃﻔﺘﻢ ﺳﻨﻴنا بهذا اﻟﺒﻴﺖ ﻃﺮًا أجمعينا) ﻓﺘﻌﺠﺒــﺖ من ذلك . وﺗــﺴﻤﻰ لي أحدهم باسم ﻻ أذكرﻩ، ثم قال لي : أنا من أجدادك . ﻗﻠــﺖ :كم لك منذ ﻣـﺖ؟ فقال : لي ﺑـﻀﻊ وأرﺑﻌـﻮن ألف سنة . ﻓﻘﻠـﺖ له : ﻓﻤـﺎ ﻵدم هذا القدر من السنين؟ ! فقال لي : عن أي آدم تقول، عن هذا اﻷقرب إليك عن غيرﻩ؟ ﻓﺘـﺬكرت حدﻳﺜﺎ ﻟﺮسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله خلق مائة ألف آدم، وﻗﻠـــﺖ : قد يكون ذلك الجـــﺪ الذي ﻧـــﺴﺒني إليه من أولئك .” (كتاب اﻟﻔﺘﻮحات المكية؛ ج 3، الفصل الخامس في المنازﻻت، باب 309)

    ↩︎

نفهم من هذا الكشف أن آدم الموحى إليه، والذي ﻳﻨﺘﺴﺐ إليه ﺑﻨﻮ آدم اليوم، لم يكن آدم الأول، بل إنه آخر اﻵوادم. وكذلك يظهر من كشف محيي الدين ابن عربي أن كلمة “آدم” قد ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ﻛﺼﻔﺔ أيضا، وذلك بمعنى الجد اﻷﻛــبر، وأن الوجود البشري مازال مستمرا منذ أقدم اﻟﻌــﺼﻮر، وأن الدور المذكور في اﻷحادﻳــﺚ االنبوية الشرﻳﻔﺔ. والمحدد ﺑـــﺴﺒﻌﺔ آﻻف سنة. إنما أريد به دور آدم اﻷخير فقط.. و ليس أدوار البشرية جمعاء.

Previous post

الإعتراض : الله ليس ﻛﻤﺜﻠﻪ شيء، ولكن ﻳقال أن الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني ﺷﺒﻪ الله باﻹﺧﻄﺒﻮط، ﻓﻤﺎ صحة ذلك؟

Next post

الإعتراض : الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني ﻇﻞ يقول بحياة المسيح عيسى ابن مريم – عليه السلام – في السماء عشرات السنين، فهل كان ﻣﺸﺮﻛًﺎ؟ وهل يبعث الله المشركين أنبياء؟

إرسال التعليق