الإعتراض : ورد في كتاب سيرة المهدي أنه عندما لم يبق إلا يوم واحد للمدة المضروبة لتحقق النبوءة بحق القس النصراني “عبد الله آتهم” طلب الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني قراءة تعويذة على حبات حمص وإلقائها في بئر مهجورة . ما حقيقة هذه القصة؟
الردّ:
الله أعلم بحقيقة هذه القصة فهي من المرويات عن الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني بعد وفاته وليست مدونة في الكتب المطبوعة في حياته . فإن صحت هذه القصة نرد على هذا الإعتراض بما يلي :
لقد كتب مؤلف كتاب سيرة المهدي تعليقا على تلك الرواية : لقد قمنا بشرح ما ورد في هذه الرواية في الجزء الثاني من هذا الكتاب حيث أوردنا رواية “بير سراج الحق المرحوم” الذي بيَّن فيها أن المسيح الموعود قد قام بهذا العمل ليحقق في الظاهر إحدى الرؤى . وإلا فإن مثل هذا العمل هو خلاف عادة المسيح الموعود. الحق أنه كان لهذه الرؤيا تأويل خاص تمثَّل في هذه اللغة التصويرية. وقد ظهر في وقته. (المصدر: كتاب سيرة المهدي. ج1)
ولقد أورد مؤلف كتاب سيرة المهدي الرواية الثانية المشار إليها وننقلها فيما يلي :
“بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني “بير سراج الحق النعماني” أنه لما أوشكَ موعد النبوءة المتعلقة بـ “آتهم” على الانتهاء رأت زوجةُ المولوي نور الدين رؤيا بأن أحدًا يقول لها يجب أخذ ألف حبة من “الماش” (يشبه العدس) ويجب قراءة سورة الفيل ألف مرة عليها، ثم يجب إلقاؤها في بئر، والعودةُ منها من دون التفات إلى الوراء. سرد الخليفة الأول هذه الرؤيا للمسيح الموعود أمام المولوي عبد الكريم وقت العصر، فقال المسيح الموعود : ينبغي تحقيق هذه الرؤيا ظاهرًا، إذ كان من عادته أنه إذا رأى هو أو أحد أحبابه رؤيا سعى جاهدًا لتحقيقها ظاهرًا أيضا، وهذا ما فعله المسيح الموعود هنا أيضا. فاقترح المولوي عبد الكريم اسمي واسمَ عبد الله السنوري (للقيام بهذا العمل) على المسيح الموعود، فاستحسن هذا الرأي، وأمرَنا نحن الاثنين بقراءة سورة الفيل ألف مرة على حبات “الماش”. فبدأْنا هذا الوِرد بعد صلاة العشاء وأنهيناه في الساعة الثانية ليلا.”
قال مؤلف كتاب سيرة المهدي تعليقا على الرواية السابقة : كنتُ قد استغربتُ بسماع رواية “ميان عبد الله” وقلتُ: لأي حكمة فعل المسيح الموعود هذا، لأن مثل هذا العمل كان خلافا لعادته عموما، ولكن بعد سماع هذه الرواية من “بير صاحب” قد انحلّ هذا الإشكال، وعلمت أنه قد فعله في الواقع بناءً على رؤيا أراد تحقيقها في الظاهر أيضا، إذ كان من عادته السعي لتحقيق الرؤى في ظاهرها أيضا شريطة ألا يكون تحقيقها الظاهري مخالفًا لحكم من أحكام الشريعة.
وتأويل هذه الرؤيا أن الله تعالى كما حمى الكعبة من هجوم أصحاب الفيل (الذين كانوا نصارى) وهزمهم وأهلكهم بأسباب من عنده تعالى، كذلك سيتمّ الهجوم من قِبل المسيحيين على الإسلام فيما يتعلق بالنبوءة المتعلقة بـ “آتهم”، وسوف تتاح لهم في الظاهر فرصة لإثارة الضجة ضد الإسلام، ولكن الله تعالى سيهيئ من عنده أسبابَ هزيمتهم في نهاية المطاف، وأن على المؤمنين أن يتوكلوا على الله ويستعينوا به وحده بهذا الشأن، وليتذكروا حين كان أهل مكة ضعفاء وحمَل عليهم أبرهة بجنوده، ولكن الله تعالى حماهم.
وأضيفُ أيضا أن هناك بعض الاختلاف في روايتيْ “بير” المحترم و”ميان عبد الله” المحترم، ويبدو أنه راجع إلى نسيان من أحدهما، فمثلا قد ذكر “ميان عبد الله” أنها كانت حبات الحمص لا حبات “الماش”. وأيا كانت هذه الحبات فإن تأويل حبات الماش أو الحمص في علم تعبير الرؤيا هو الهمّ والغمّ، مما كان إشارة إلى التعرض لبعض الغمّ والحزن في قضية “آتهم”، ولكن هذا الهم والغم سوف يُلقى في بئر مظلمة ببركة سورة الفيل في آخر الأمر. والله أعلم.
(المصدر: كتاب سيرة المهدي ج 2 )
إرسال التعليق