الإعتراض : قال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني أن موسى حي في السماء . مع أنه ظل ينفي وجود عيسى في السماء . فما هذا التناقض ؟ فقد قال في كتاب نور الحق: “هذا هو موسى فتَى الله. الذي أشار الله في كتابه إلى حياته. وفرض علينا أن نؤمن بأنه حيٌّ في السماء ولم يمت وليس من الميتين”.
الردّ:
قال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني في كتاب نور الحق بالعربية:
“وأما العقيدة المشهورة .. أعني قول بعض العلماء أن المسيح الموعود ينزل من السماء ويقاتل الكفار ولا يقبل الجزية بل إما القتل وإما الإسلام .. فاعلموا أنها باطلة ومملوءة من أنواع الخطأ والزلّة ومن أمور تخالف نصوص القرآن. وما هي إلا تلبيسات المفترين. يا حسرة عليهم! إنهم أَطْرَأُوا عيسى مِن غير حق حتى قال بعضهم إنه ملَك كريم وليس من نوع الإنسان! وقال بعضهم إن هو إلا كلمة الله وروح الله. وليس في هذه المرتبة شريكا له. وزاد بعضهم عليه حواشي أخرى. وقال هو مخلوق أقرب إلى الله وأفضل من الملائكة. فإن الملائكة لا يُرفَعون إلى العرش وهو مرفوع على العرش لأنه مرفوع إلى الله. فهو أفضل من الملائكة كلهم ومن كل ما خُلِقَ وذُرِئَ. هذا بيان بعض العلماء. وأما صاحب “الإنسان الكامل” عبدُ الكريم الذي هو من المتصوفين. فبلّغ الأمرَ إلى النهاية. وقال إن التثليث بمعنى حق ولا حرج فيه. وإن عيسى كذا وكذا. بل أشار إلى أنه ليس بمخلوق. ومنهم من اعتدى في كذبه وقال: بسم الله الآب والابن وروح القدس. كذلك أيّدوا الفِرْية ونصروها. وكان الكذب في أول الأمر قليلا. ثم من جاء بعد كاذبٍ ألحقَ بكذبه كذبا آخر. حتى ارتفعت عمارة الكذب. وجُعل ابنُ عجوزةٍ ابنَ الله. وبعد ذلك جُعل إلهَ العالمين. ألا لعنة الله على الكاذبين. إنْ عيسى إلا نبي الله كأنبياء آخرين. وإنْ هو إلا خادم شريعة النبي المعصوم الذي حرّم الله عليه المراضع حتى أقبلَ على ثدي أُمّه. وكلّمه ربُّه على طور سينين وجعله من المحبوبين. هذا هو موسى فتَى الله. الذي أشار الله في كتابه إلى حياته. وفرض علينا أن نؤمن بأنه حيٌّ في السماء ولم يمت وليس من الميتين.” (المصدر: كتاب : نور الحق)
كتب الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني عند هذه الفقرة في الحاشية ما يلي:
” كلّم اللهُ موسى على جبل وكلّم الشيطانُ عيسى على جبل. فانظر الفرق بينهما إن كنت من الناظرين.” (كتاب نور الحق)
لقد أوضح الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني هذا الموضوع في كتابه “حمامة البشرى” فقال:
“أعيسى حيٌّ ومات المصطفى؟ تلك إذًا قسمة ضيزى! اعدلوا هو أقرب للتقوى. وإذا ثبت أن الأنبياء كلهم أحياء في السماوات. فأيّ خصوصية ثابتة لحياة المسيح؟ أهو يأكل ويشرب. وهم لا يأكلون ولا يشربون؟ بل حياة كليم الله ثابت بنص القرآن الكريم .. ألا تقرأ في القرآن ما قال الله تعالى – عز وجل -: {فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَائِهِ}. وأنت تعلم أن هذه الآية نزلت في موسى. فهي دليل صريح على حياة موسى – عليه السلام -. لأنه لقي رسول الله – صلى الله عليه وسلم -. والأموات لا يلاقون الأحياء. ولا تجد مثل هذه الآيات في شأن عيسى – عليه السلام -.(كتاب حمامة البشرى.).
المقصود من قول الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني فيما سبق عن حياة موسى وجميع الأنبياء هو الحياة البرزخية التي هي مختلفة عن حياة بني آدم الجسدية على سطح الأرض. ولقد خص الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني حياة موسى بالذكر لأن هناك آية تتحدث عن حياته إذ لقيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المعراج . أما عيسى ابن مريم فليس هناك أي آية عن حياته. فما قصده الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني أن موسى أولى أن يقال أنه حي وليس المسيح. والمقصود هو الحياة البرزخية للأرواح وليس حياة الجسد.
باختصار. لقد ورد ذلك القول عن حياة موسى في معرض نقض القول بحياة عيسى ابن مريم عليه السلام وخصوصيته في ذلك دون غيره من الأنبياء.
إرسال التعليق