الإعتراض: قال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني في كتاب البراهين الأحمدية أنه لم يدَّع أنه المسيح الموعود بل ادعى أنه مثيله. وقال أنه كان يؤمن بنزول المسيح من السماء.
الرد:
قال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :
صحيح أنه ما حُكِم في البراهين الأحمدية في الإلهام. بحقيقة نزول المسيح ابن مريم – الذي ينتظره الناس خارجًا من الجنة ونازلًا من السماء إلى الأرض- حقيقةً على أكتاف الملائكة. بل كل ما كتبتُه في البراهين الأحمدية عن المجيء الثاني للمسيح ابن مريم إلى الدنيا. فقد كتبته نظرا إلى الاعتقاد الشائع الذي تميل إليه أفكار إخواننا المسلمين في هذه الأيام. فبناء على هذا الاعتقاد الشائع كتبتُ في البراهين الأحمدية أني لست إلا مثيل الموعود وأن خلافتي إنما هي خلافة روحانية. وأنه حين يأتي المسيح ستقوم خلافته بكِلا الوجهين. المادية والروحانية. فهذا البيان الذي ورد في البراهين الأحمدية إنما هو بسبب الاتّباع العادي للآثار النبوية المروية. وهو واجب على الملهم قبل أن تُكشف عليه حقيقة الأمر. وذلك لأن الذين يتلقّون الإلهام من الله لا ينطقون دون الإنطاق. ولا يفهمون بغير الإفهام ولا يدّعون شيئا إلا إذا أُمِروا. ولا يسعهم الإقدام على شيء من عند أنفسهم. فلهذا السبب كان نبينا – صلى الله عليه وسلم – يفضِّل اتّباع سنن أهل الكتاب الدينية في أداء بعض العبادات ما لم ينزل عليه الوحيُ. فكان يتركها على حالها إلى حين نزول الوحي وكشفِ حقيقتها. فمن هذا المنطلق لم أدخُلْ في “البراهين الأحمدية” في نقاش من تلقاء نفسي عن المسيح ابن مريم – عليه السلام -. أما الآن. وقد أظهر الله تعالى عليّ حقيقة الأمر. فصار واجبا عليّ أن أُعلنها إعلانا عاما. ولكنني أتأسف على مشايخ هذا العصر الذين شرعوا في كتابة الردود على كتاباتي قبل أن يقرأوها بإمعان.
يعرف المؤلفون والمحققون جيدا أن بعض المشايخ المعاصرين قد اعتبروني معارضا لأفكارهم القديمة إلى حد كبير. ولكن التأمل الرصين يبرهن على أني لا أعارض أفكارهم بالقدر الذي أثاروا به ضجة. إذ ما ادّعيت إلا كوني مثيل المسيح. وكذلك ما ادّعيت أن فكرة المماثلة قد انقطعت من بعدي. بل من الممكن عندي أن يأتي في المستقبل حتى عشرة آلافٍ من أمثال المسيح مثلي. أما في هذا العصر فأنا مثيل المسيح فيه. ولا جدوى من انتظار مثيل آخر. والواضح أيضا أن القول بإمكانية ظهور عديدٍ من أمثال المسيح ليس من بنات أفكاري فقط. بل يتبين ذلك من الأحاديث أيضا. لأنه – صلى الله عليه وسلم – قال إنه سيكون هناك نحو ثلاثين دجالا إلى نهاية الدنيا.
فمن الواضح أنه إذا كان ظهور ثلاثين دجالا ضروريا. فلا بد أن يكون هناك ثلاثون مسيحا أيضا بحكم المثل: “لكل دجال عيسى”. فمن الممكن بحسب هذا القول. بل ممكن جدا. أن يأتي في زمن من الأزمان مسيح تنطبق عليه بعض كلمات الحديث الحرفية أيضا. لأني ما جئت بحكومة دنيوية أو ملكوتها. بل جئت في حُلّة المسكنة والفقر. فما دام الحال على هذا المنوال. فأيّ إشكالية بقيت لدى المشايخ. إذ قد تتحقق أمنيتهم هذه أيضا في حين من الأحيان. غير أني لا أرى – كشفا وإلهاما وعقلا وفرقانا – تحقُّق أمنيتهم ليروا يوما من الأيام المسيح ابن مريم نازلا من السماء في الحقيقة. إذن. فإن إصرارهم على أنهم لن يؤمنوا ما لم يروا المسيح بأم أعينهم نازلا من السماء. تعنُّتٌ خطير. إن قولهم هذا يشبه قول الذين ذكرهم الله جلّ شأنه في القرآن الكريم أنهم ظلوا يقولون: {حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً}فحُرموا من الإيمان.(المصدر: كتاب إزالة الأوهام)
إرسال التعليق