الإعتراض : هل قال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني : “أنا داﺋــﻢ المرض، ﻳﻨﺘــﺎبني بين حين وآخر دوار الرأس والصداع واﻟﺘﺸﻨﺞ اﻟﻘﻠﱯ؟” فهل يصاب الأنبياء بمثل هذه اﻷمراض؟
الردّ:
لقد ذكر الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني واﻹمام المهدي أنه ﻳﻨﺘﺎبه دوار الرأس والصداع وﺗـﺸﻨﺞ القلب، كما ذكر أنه كان ﻳﻌﺎني من كثرة اﻟﺘﺒﻮّل.
وحيث إنه كان ﻣﺘﻔﺎﻧﻴـﺎ في ﺧﺪمة الإسلام، وكان داﺋـﻢ العبادة واﻟﻜﺘﺎبة والتأليف، فقد ازداد ﺟﺴﻤﻪ ﺿﻌﻔًﺎ.
واﻹﻋﺠــﺎز أنه كان يقوم بواجب الدعوة إلى الإسلام بوساﺋﻞ مختلفة رﻏــﻢ هذه اﻷمراض، فكان يتحدى أعداء الإسلام رﻏـﻢ ذلك كله، بل كان يتحدى بالمباهلة ﻋﺘـﺎة اﻟﻜﻔـﺮ وهو بهذه اﻟـﺼﺤﺔ؛ والتي رﻏﻢ اعتلالها، عاش ﻋﻤﺮا ﻃﻮﻳﻼ.
واﻟﻼﻓـﺖ أن مرﺿــﻴْﻪ؛ الصداع وكثرة اﻟﺘﺒـﻮل، هما تحقيق النبوءة الرسول صلى الله عليه وسلم التي ﺗــﺼﻒ المسيح حين نزوله بأنه ينزل بين ﻣﻬــﺮودﺗين صفراوين (صحيح ﻣــﺴﻠﻢ)، أي بين ﺛــﻮبين أﺻــﻔﺮﻳﻦ؛ واﻟﺜــﻮب اﻷﺻــﻔﺮ في ﻋﻠــﻢ ﺗﻌﺒــير الرؤى يعني المرض. ﻓﻬﻤﺎ دليل على صدﻗﻪ .
وﻳﻔتري الأعداء قاﺋﻠين إنه كان ﻳﻌﺎني من نوبات الهـﺴﺘيريا، وهذا كذب محـﺾ. بل هي مجرد تهمة داﺣﻀﺔ اتُّهم بها الأنبياء الساﺑﻘﻮن.
وﻳﻌـترض بعض الأعداء على أمراﺿـﻪ ﻣﻌﺘـبرﻳﻦ إياها دليلا على ﻏـﻀﺐ الله عليه وعلى عدم صدﻗﻪ، ﻓﻨــﺮد ﻣــﺬكرﻳﻦ ﺑﻘــﻮل الله تعالى على ﻟــﺴﺎن إﺑــﺮاﻫﻴﻢ:”وَإِذَا مَرِضۡتُ فَهُوَ یَشۡفِینِ”
وﻳﻨــﺴﺐ التفسير المتداول إلى أﻳــﻮب – عليه السلام – أمراﺿــﺎ ﺷــتى خطيرة، حتى أنه أﺻــﺒﺢ ﻣــﻀﺮب المثل في اﻟﺼبر على المرض في اﻟتراث اﻟﺸﻌﱯ .كما ﻳﻨﺴﺒﻮن إلى إدرﻳﺲ -عليه السلام – أن إحدى ﻋﻴﻨﻴﻪ كانت أعظم من اﻷخرى (اﻹﺗقان في ﻋﻠــﻮم القرآن.) ويقولون عن ﺷــﻌﻴﺐ – عليه السلام – إنه قد ﻋﻤــﻲ في آخر ﻋﻤــﺮﻩ.
فالمرض لم ﻳُﻌﺼﻢ منه اﻟﻨﺒﻴﻮن.
الناس يمرضون عادة، لكن بعضهم يمرض بسبب ﺧﻄﺌــﻪ في اﻷكل والشرب وعدم الحيطة، أما البعض الآخر فهو بسبب اﻟﺘﻔﺎني في ﺧﺪمة الدين واﻟﺘﻀﺤﻴﺔ في ﺳـﺒﻴﻠﻪ. ﻓﻜـﻢ هو عظيم مَن ﻣَـﺮِضَ وهو يخدم الدين! وكم هو ﻟﺌﻴﻢ من ﻳﻌترض على مرﺿﻪ!
باﺧﺘﺼﺎر، إن ﻣَﺮَﺿﺎ الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني ، كانا تحقيقًا النبوءة اﻟﺜـﻮبين اﻷﺻـﻔﺮﻳﻦ، ثم هما دليل على ﺗﻔﺎﻧﻴﻪ في ﺧﺪمة الدين، ثم هما دليل آخر على اﻹﻋﺠـﺎز، إذ كيف لمـﺮﻳﺾ أمراﺿـﺎ ﻣﺰمنة أن يجاهد كل هذا الجهاد بقلمه دفاعا عن الإسلام لوﻻ ﺗﻮﻓﻴﻖ الله تعالى؟
يقول الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني: “كنت أﺷـﻌﺮ ﺑـﻀﻌﻒ ﺷـﺪيد بسبب اﻟـﻀﻌﻒ الدماﻏﻲ واﻟـﺪُوار حتى ﺧﻔﺖُ أن حالتي لم ﺗﻌﺪ صالحة للتأليف. وقد ﺑﻠﻎ مني اﻟﻀﻌﻒ ﻣﺒﻠﻐﺎ وﻛﺄنه ﻻ روح في الجسد. وفي هذه الحالة ﺗﻠﻘﻴﺖ إلهاما ﻧـﺼﻪ: “ﺗُــﺮَدُّ إليك أنوار الشباب.” ﻓـﺸﻌﺮت بعد بضعة أيام من ذلك ﻛـــﺄن ﻗـــﻮتي المفقودة بدأت ﺗﻌـــﻮد إليّ رويدا رويدا، وفي ﻏـــﻀﻮن بضعة أيام أﺣـــﺮزت من القوة ما أﺳﺘﻄﻴﻊ بها أن أكتب بيدي مجلدين كل يوم. ولم ﻳﻘﺘﺼﺮ اﻷمر على اﻟﻜﺘﺎبة فقط بل ﺗﻴـﺴﺮت أيضا ﻗــــﻮة اﻟﺘﻔﻜــــير واﻟﺘﺄمل واﻟﺘــــﺪﺑﺮ الكامل اﻟــــﻀﺮورية للتأليف واﻟﺘــــﺼﻨﻴﻒ. صحيح أن هناك مرﺿــــِين ﻳﻼزماﻧني؛ أحدهما في الجزء اﻟﻌﻠﻮي من الجسم واﻟﺜﺎني في الجزء اﻟﺴﻔﻠﻲ منه. المرض في الجزء اﻟﻌﻠـﻮي من الجسم هو اﻟﺪُوار، أما في الجزء اﻟﺴﻔﻠﻲ منه فهو كثرة اﻟﺘَﺒَـﻮُّل. وإن هذﻳﻦ المرضين يراﻓقاﻧني منذ زﻣــﻦٍ أﻋﻠﻨــﺖ فيه أني ﻣﺒﻌــﻮثٌ من الله تعالى. لقد دعوت أيضا ﻟﻠــﺸﻔﺎء ﻣﻨﻬﻤــﺎ وﻟﻜــني ﺗﻠﻘﻴــﺖ جواﺑًــﺎ باﻟﻨﻔﻲ، وأُﻓﻬﻤﺖ أن نزول المسيح الموعود ﺑَـْين ﻣَﻬْﺮُودَﺗَـين وَاﺿِﻌًﺎ ﻛَﻔَّﻴْﻪِ ﻋَﻠَﻰ أَﺟْﻨِﺤَﺔِ ﻣَﻠَﻜَين قد ﺟُﻌـﻞ آية له منذ اﻟﺒﺪاية. فإن هذﻳﻦ المرضين هما المهرودتان اﻟﻠﺘـﺎن ﻻزَﻣَﺘـﺎ ﺟـﺴﺪي. والمراد من المهرودة، باﺗﻔﺎق الأنبياء عليهم السلام هو المرض. والمهرودتان هما المرضان ﻳﺼﻴﺒﺎن جزأين من الجسد. ولقد ﻛُــﺸﻒ عليّ أيضا أن المراد من المهرودتين هو مرﺿــﺎن. وكان ﻻ بد من أن يتحقق ما قال الله تعالى.” (المصدر: كتاب حقيقة الوﺣﻲ)
إرسال التعليق