الإعتراض : ما معنى هذه العبارة التي قالها الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني : “اعلموا أن الختمية أﻋﻄﻴـﺖ من اﻷزل لمحمد صلى الله عليه وسلم ثم أﻋﻄﻴـﺖ لمن ﻋﻠﻤـﻪ روﺣـﻪ وجعله ﻇﻠـﻪ ﻓﺘﺒـﺎرك من ﻋﻠّـﻢ وﺗﻌﻠّـﻢ. فإن الختمية الحقيقية كانت مقدرة في اﻷلف السادس، الذي هو يوم سادس من أيام الرحمن” (الخطبة اﻹلهاﻣﻴـﺔ) أﻻ يعني هذا أنه يرى نفسه صاﺣﺐ الختم، وأنه أفضل الأنبياء؟

الردّ:
فيما يلي ﺳﻨﺬكر سياق ما قاله الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني وﺳﻴﺘﺒين منه أسلوب المعترض في اﻟﺘﺤﺮﻳﻒ.
يقول الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني : “وأما عيسى الذي هو صاحب الإنجيل، فقد مات وشهد عليه ربّنا في كتابه الجليل، وما كان له أن يعود إلى الدنيا ويكون خاتم الأنبياء، وقد خُتِمت النبوة على نبيّنا – صلى الله عليه وسلم -، فلا نبيَّ بعده إلا الذي نُوِّرَ بنوره وجُعل وارثَه من حضرة الكبرياء. اعلموا أن الختمية أُعطيتْ من الأزل لمحمد – صلى الله عليه وسلم -، ثم أُعطيتْ لمن علَّمه روحُه وجعَله ظلَّه، فتباركَ مَن علّم وتعلّم ( * ). فإن الختمية الحقيقية كانت مقدَّرة في الألف السادس الذي هو يوم سادس من أيام الرحمن، ليشابه أبا البشر مَن كان هو خاتمَ نوعِ الإنسان. واقتضت مصالح أخرى أن يُبعث رسولنا في اليوم الخامس .. أعني في الألف الخامس بعد آدم، لِما كان اليوم الخامس يومَ اجتماعِ العالَم الكبير، وهو ظِلٌّ لآدم الذي أعزّه الله وأكرمَ، فإن آدم جمَع في نفسه كلَّ ما تفرّقَ فيه ووصل كلَّ ما تجذَّمَ، فلا شك أن العالَم الكبير قد نزل بمنزلةِ خِلقةٍ أُولى لآدم في صُوَرٍ متنوّعة، فقد خُلِق آدم بهذا المعنى في اليوم الخامس من غير شك وشبهة، ثم أراد الله أن يُنشِئَ نبيَّنا الذي هو آدم خلقًا آخر في الألف السادس بعد خِلقته الأولى، كما أنشأ مِن قبل صفيَّه آدمَ في آخر اليوم السادس مِن أيامِ بُدُوِّ الفطرةِ ليتمّ المشابهة في الأولى والأخرى، وهو يوم الجمعة الحقيقية، وكان جمعةُ آدم ظلاًّ له عند أولي النُّهَى، فاتّخذَ على طريق البروز مظهرًا له مِن أمّته، وهو له كالعين في اسمه وماهيّته، وخلَقه الله في اليوم السادس بحساب أيامِ بُدُوِّ نشأةِ الدنيا لتكميل مماثلته .. أعني في آخر الألف السادس ليشابه آدمَ في يوم خلقته، وهو الجمعة حقيقةً، لأن الله قدّر أنه يجمع الفِرق المتفرّقة في هذا اليوم جمعًا برحمةٍ كاملة، ويُنفَخ في الصور .. يعني يتجلّى الله لجمعهم فإذا هم مجتمعون على ملّة واحدة إلا الذين شقُوا بمشيّة وحبَسهم سجنُ شِقوة، وإليه أشار سبحانه في قوله {وَآخَرِينَ مِنْهُم} في سورة الجمعة، إيماءً إلى يوم الجمعة الحقيقية. وأراد من هذا القول أن المسيح الموعود الذي يأتي من بعد خاتم الأنبياء هو محمد – صلى الله عليه وسلم – من حيث المضاهاة التامة، ورفقاؤه كالصحابة، وأنه هو عيسى الموعود لهذه الأمّة، وعدًا من الله ذي العزّة في سورة التحريم والنور والفاتحة .. قولَ الحق الذي فيه يمترون. ما كان لنبي أن يأتي بعد خاتم الأنبياء إلا الذي جُعل وارثَه مِن أُمّته، وأُعطيَ مِن اسمه وهويّته، ويعلمه العالمون. فذلك مسيحكم الذي تنظرون إليه ولا تعرفونه، وإلى السماء أعينَكم ترفعون. أتظنّون أن يردّ الله عيسى ابن مريم إلى الدنيا بعد موته وبعد خاتم النبيين؟ هيهات هيهات لما تظنون! وقد وعد الله أنه يُمسِك النفسَ التي قضى عليها الموت، والله لا يخلف وعده، ولكنكم قوم تجهلون. أتزعمون أنه يُرسِل عيسى إلى الدنيا، ويوحي إليه إلى أربعين سنة، ويجعله خاتم الأنبياء وينسى قوله {وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}؟ سبحانه وتعالى عما تصِفون! إنْ تتّبعون إلا ألفاظًا لا تعلمون حقيقتها، ولو رددتموها إلى حَكَمٍ من الله الذي أُرسلَ إليكم لكان خيرًا لكم إن كنتم تعلمون.”(المصدر: كتاب خطبة اﻹلهاﻣﻴﺔ)

(*) وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني في الحاشية مقابل عبارة (فتباركَ مَن علّم وتعلّم ) : “هذه إشارة إلى وحي من الله كُتِبَ في “البراهين الأحمدية”، وقد مضى عليه أزيدُ من عشرين سنة من المدة. فإن الله كان أوحَى إليّ وقال: “كُلُّ بَرَكَةٍ مِنْ مُحَمَّد – صلى الله عليه وسلم -، فَتَبَارَكَ مَنْ عَلَّمَ وَتَعَلَّمْ”، يعني أن النبي – صلى الله عليه وسلم – علَّمك مِن تأثير روحانيته وأفاض إناء قلبك بفيض رحمته، ليُدخِلك في صحابته، وليُشرِكك في بركته، وليُتمّ نبأ الله {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ} بفضله ومنّته. ولمّا كان هذا النبأ الأصلَ المحكم والبرهان الأعظم على دعواي في القرآن .. أشار الله سبحانه إليه في “البراهين” ليكون ذِكرُه هذا حجّة على الأعداء مِن جهة طول الزمان (المصدر: كتاب خطبة اﻹلهاﻣﻴﺔ.)
إذن، بات واﺿـﺤﺎ أن المعترض ﺣـﺮّف المعنى؛ ﺑﻘــﺼﺪ أو ﺑﻐـير ﻗـﺼﺪ. ﻓﻤـﺎ دام الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني يشير إلى وﺣــﻲ: “كُلُّ بَرَكَةٍ مِنْ مُحَمَّد – صلى الله عليه وسلم -، فَتَبَارَكَ مَنْ عَلَّمَ وَتَعَلَّمْ”، فهذا كافٍ لدﺣﺾ ﺷــﺒﻬﺘﻪ. فالرسول – صلى الله عليه وسلم -هو المعلم، والإمام ميرزا غلام أحمد القادياني هو المتعلم؛ فالختمية الحقيقية هي ﻧﻔـﻲُ ﺑﻌﺜـﺔ نبي من أمة أخرى، وﻧﻔﻲُ ﻧـﺴﺦِ أي ﺣﻜـﻢ من الشرﻳﻌﺔ الإسلامية، واﻟﺘﺄﻛﻴـﺪ على عظمة رسوﻟنا وسمـﻮّﻩ على جميع الخلق، وهذا ما أﻛّــﺪ عليه الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني مرارا وتكرارا.. فالمعنى الحقيقي لختم النبوة سوف يظهر في اﻷلف السادس ﻣﺘﻤـﺜﻼ في ﻇﻬـﻮر المسيح المحمدي، ﻓﻌﻨﺪﺋـﺬ يدرك الناس أﻻ نبي جديدا بعد محمد صلى الله عليه وسلم ، ﻓﻴﺪركون المعنى الحقيقي لختم النبوة.

Previous post

الإعتراض : قال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني في كتاب (المسيح اﻟناصري في الهند) بأن اﻟﺒــﻮذﻳين ﺗﻌﻠﻤــﻮا الرﻫﺒﻨــﺔ من المسيح، ولكن أليس النصارى هم من اﺑﺘﺪع الرﻫﺒﻨﺔ؟

Next post

الإعتراض : ﻳقال أن الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني قد ادّﻋﻰ أنه أفضل من جميع الأنبياء.

إرسال التعليق