الإعتراض:إن الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني لم ﻳﺴﺘﻐﻔﺮ الله قط، وقد ورد ذلك في الرواية اﻟﺘﺎلية: قال حضرة اﻟﺴﻴﺪ مرزا ﺑﺸير أحمد في كتابه”ﺳيرة المهدي: ” قالت لي والدتي -أم المؤمنين- أن حضرة الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني – ميرزا غلام- كان ﻳﻜﺜـــﺮ من قول ﺳﺒﺤﺎن الله وبحمدﻩ ﺳﺒﺤﺎن الله اﻟﻌﻈﻴﻢ. وقد ذكرتُ ما روته والدتي إلى الصحابي ﺷير ﻋﻠﻲ. فأكد لي اﻷخير ما قاﻟﺘﻪ والدتي وأﺿﺎف قاﺋﻼً: ومع هذا فإنني لم أسمع الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني مرزا غلام ﻳـﺴﺘﻐﻔﺮ الله قط.

الردّ:
إن عدم سماع ﺷـــﺨﺺٍ ﺷﺨـــﺼًﺎ آخر ﻻ يعني ﺷـــﻴﺌًﺎ. ﻓﻌـــﺪم المعرفة باﻟـــﺸﻲء ﻻ تدل على عدﻣـــﻪ. وﻹﺛﺒﺎت أن الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني كان ﻳﻜﺜﺮ من الاستغفار نورد اﻷدلة اﻟﺘﺎلية:

  • لقد أعلن الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني أن الله تعالى أوﺣﻰ إليه ما يلي:
    “قل.. رب اﻏﻔﺮ وارﺣﻢ من السماء”
    “ﻓﻘﻞ لهم ﻣﻴﺴﻮرا واﺳﺘﻐﻔﺮ لهم….”
  • وكتب الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني هذا الدعاء وكان يرددﻩ كثيرا: “ربنا اﻏﻔـﺮ ﻟنا ذنوبنا، وادﻓـﻊ ﺑﻼيانا وكروبنا، وﻧـﺞ من كل هم ﻗﻠﻮبنا، وﺗﺐ ﻋﻠﻴنا يا محبوبنا.”
    كذلك فقد كتب الدعاء اﻟﺘﺎلي في كتابه داﻓﻊ الوساوس : “رب اﻧﻈﺮ إلينا وإلى ما اﺑﺘﻠﻴنا، واﻏﻔﺮ ﻟنا ذنوبنا واﻋﻒ عن معاﺻﻴنا، ﻻ ﻳﺘﻐير أمر بدون تغييرك، وﻻ يأتي وﻻ ﻳُﺮد ﺑﻼء إﻻ ﺑﺘقديرك”
  • وقد كتب الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني الدعاء اﻟﺘـــﺎلي في نهاية كتابه: إﻋﺠـــﺎز المسيح: “ربّ إنْ كنتَ تعلمُ أن أعدائي هم الصادقون المخلصون، فأهلِكْني كما تُهْلَكُ الكذّابون، وإنْ كنتَ تعلم أني منك ومن حضرتك، فقُمْ لنُصرتي فإني أحتاج إلى نصرتك، ولا تُفوِّضْ أمري إلى أعداء يمرّون عليّ مستهزئين، واحفظْني من المعادين والماكرين. إنك أنت راحي وراحتي، وجَنّتي وجُنّتي، فانصرْني في أمري واسمعْ بكائي ورُنّتي، وصَلِّ على محمدٍ خير المرسلين، وإمام المتّقين، وهَبْ له مراتبَ ما وهبتَ لغيره من النبيين. ربّ أَعْطِه ما أردتَ أن تُعطيني من النعماء، ثم اغفِرْ لي بوجهك وأنت أرحم الرحماء.” (المصدر: كتاب إﻋﺠﺎز المسيح).
  • وكتب الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني يحث أفراد جماعته على دوام الاستغفار فقال: “اعلموا أن الذين يدعون الله اﻟﺴﻤﻴﻊ المجيب، وﻳﺴﺘﻐﻔﺮون وﻳﺘﺼﺪّﻗﻮن قبل نزول البلاء، فإن الله عز وجل ﻳترﺣﻢ عليهم، وﻳﻌﺼﻤﻬﻢ من ﻋقابه. ﻻ تأﺧﺬوا ﻧـﺼﺎﺋﺤﻲ هذه لهـﻮًا، إنما أﻧـﺼﺤﻜﻢ لوجه الله سبحانه وتعالى. عليكم باﻟﺘﺪﺑﺮ في أوﺿﺎﻋﻜﻢ وﻇﺮوﻓﻜﻢ، وعليكم اﻻﺳﺘﻐﺮاق في الدعاء واﻃﻠﺒﻮا من أصدقاﺋﻜﻢ أن يدعوا الله سبحانه أيضا. واعلموا أن الاستغفار بمثابة ﺟُﻨّـﺔ أو ترس ﻟﻠﻮقاية من اﻟﻌـﺬاب الإلهي والمصائب اﻟــﺸﺪيدة، فقد قال الله في القرن المجيد: “وَمَا كَانَ ٱللَّهُ مُعَذِّبَهُمۡ وَهُمۡ یَسۡتَغۡفِرُونَ”.(جريدة الحكم، بتاريخ 24-7-1901م).
  • وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني: “فاعلموا أنه من الحماقة أن ﻳﻌﺘﻤﺪ الإنسان على الدواء واﻟﺘﺪﺑير فقط وﻳترك الله سبحانه عز وجل على حدة، وعليكم أن ﺗﻐـيروا أﻧﻔـﺴﻜﻢ تغييرا ﺟـﺬريا ﻛـﺄنكم ﻧﻠـﺘﻢ حياة جديدة، وعليكم أن ﺗﺴﺘﻐﻔﺮوا ﺑﻜﺜﺮة.”(المرجع السابق)
  • وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني : “من الناس من ﻳﻘﻌﻮن تحت ﺷﺪة اﻵﻻم والمصائب المتواصلة بسبب أعمالهم اﻟـﺴﻴﺌﺔ؛ وَمَن یَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةࣲ شَرࣰّا یَرَهُ ، والمفروض على المرء أن ﻳـﺴﺘﻐﻔﺮ دائما. وعليه أن يراﻗـﺐ نفسه بأن ﻻ ﺗﺘﺠﺎوز أعماله اﻟـﺴﻴﺌﺔ حدودها، ﻓﺘﺠﻠـﺐ ﻏـﻀﺐ الله عز وجل وﺳـﺨﻄﻪ. ﺣﻴﻨﻤـﺎ يمـﻦ الله سبحانه وتعالى على أحد ﻳﻠﻘــﻲ محبته في أﻓﺌــﺪة الناس، ولكن عندما ﻳﺘﺠــﺎوز شر الإنسان ﺣــ ًّﺪا ﻣﻌﻴنا، فإنما ﻳﺜــير ضدﻩ ﻏﻀﺐ الله تعالى من السماء، وﺣﺴﺐ إرادته عز وجل ﺗـﺼﺒﺢ أﻓﺌـﺪة الناس قاﺳـﻴﺔ عليه، ولكن إذا تاب واﺳﺘﻐﻔﺮ ولجأ إلى ﻋﺘﺒﺔ الله شبحانه وتعالى، ﺗﻌﻮد إليه “الرحمة”، وﺗﻌﻮد الرحمة في ﻗﻠﻮب الناس عليه، حيث ﻻ يعرف أحد بأن بذور الحب قد بذرت في أﻓﺌــﺪة الناس. المهم هو أن التوبة والاستغفار وصفة مجربة ﻳﺴﺘﻔﻴﺪ منها الإنسان.”(جريدة الحكم، بتاريخ 12-5-1899م)
  • وحول التوبة والاستغفار، قال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني : “التوبة والاستغفار شيئًان ﻣﻬﻤـــﺎن؛ فاﻻﺳـــﺘﻐﻔﺎرُ ﻳﻔــﻮق التوبة، ﻷن الاستغفار عبارة عن اﻻﺳــﺘﻌﺎنة واﻻﺳــﺘﻤﺪاد من الله. والتوبة عبارة عن وﻗــﻮف الإنسان على قدﻣﻴــﻪ. ومن سنة الله أنه إذا اﺳــﺘﻌﺎنه الإنسان فإنه يهب له ﻗــﻮة يقوم بها الإنسان على قدﻣﻴــﻪ. وباﻟﺘــﺎلي ﺳــﻴﺘﻤﺘﻊ ﺑﻘــﻮة ﻟﻜــﺴﺐ الحسنات، اﻷمر الذي سُمــﻲ ﺑـــ “ﺗُﻮﺑُــﻮا إَِلى الله” في اﻵية القرآنية (اﻟﺘﺤﺮيم:8 )
    فقد وﺿﻊ الله تعالى فيها ﻃﺮﻳقا ﻟﻠﺴﺎﻟﻜين وهي أن ﻳﺴﺘﻌين السالك ﺑـالله دوما، فإن لم ﻳـﺴﺘﻤﺪ منه ﻃﺎقة وﻗـﻮة ﻓﻤـﺎذا إذن بوﺳـﻌﻪ أن يفعل؟ الإنسان ﻳﻮﻓـﻖ ﻟﻠﺘﻮبة بعد أن يقوم بالاستغفار. وإن التوبة ﺗﻔقد ﻗﻮتها إن لم يكن ﻣﻌﻬـــﺎ الاستغفار. فإن اﺳـــﺘﻐﻔﺮتم بهذه اﻟﻄﺮﻳﻘــﺔ ثم ﻗﻤـــﺘﻢ بالتوبة فلا بد أن تحــﺼﻠﻮا على اﻟﻨﺘﻴﺠــﺔ وهي أن الله يمــﺘﻌﻜﻢ ﻣﺘﺎعا ﺣــﺴنا إلى أجل ﻣــﺴﻤﻰ. هذه سنة الله المــﺴﺘﻤﺮة أنكم إذا اﺳﺘﻐﻔﺮتم ثم ﺗﺒﺘﻢ إلى الله ﻓﺘنالون مراﺗﺒﻜﻢ”. (المصدر: جريدة الحكم)
  • وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني: “ثمة ناموسان؛ ناموس القضاء والقدر الذي يخص ملائكة السماء، أي أنهم لا يقدرون على المعصية البتة، وناموس القضاء والقدر الخاص بالناس على الأرض، أي أنهم قد مُنحوا من السماء الخيار في اقتراف المعصية، ولكنهم إذا التمسوا القوة من الله أي استغفروه، فيزول ما بهم من ضعف بتأييد من روح القدس، ويتجتنبون ارتكاب الذنب كما يجتنب أنبياء الله ورسله. أما من ارتكب المعاصي فينفعه الاستغفار من حيث إنه يُعصم من مغبّة الذنب، أي العذاب، لأن الظلمة لا يمكن أن تبقى بعد مجيء النور. وأما المجرمون المصرون على الجريمة الذين لا يستغفرون الله، أي لا يلتمسون منه القوة، فهم لا ينفكون ينالون الجزاءَ على جرائمهم.” (المصدر: كتاب ﺳـﻔﻴﻨﺔ نوح)
  • وقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني في كتابه ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺗﻌﺎليﻢ الإسلام : “والمعرفة الثالثة هي أن سلسلة الارتقاء في عالم المعاد لا نهاية لها. يقول الله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (التحريم: 8).
    فقوله تعالى عن الذين آمنوا إنهم لن ينفكّوا يدْعون ربهم أن يتمّ لهم نورهم .. إنما هو إشارة إلى ترقيات غير متناهية، بمعنى أنهم كلما استكملوا درجةً من درجات النور .. تراءت لهم درجةٌ أخرى منه، فيرون كمالهم الحاصل نقصًا بالنسبة إلى الكمال التالي .. فيلتمسون من الله إحرازَ تلك الدرجة، فإذا أحرزوها .. تراءت لهم درجة ثالثة منه، فيعتبرون الكمالات الأولى ناقصة، ويطمعون في هذه الأخيرة. إن هذا النزوع المستمر للرقي يعبر عنه قولهم: “أتمِمْ”.
    إذن فهكذا سوف يستمرّون في حلقات من سلسلة غير متناهية من الارتقاء، ولن يصيبهم الانحطاط أبدا، كما أنهم لن يُخرَجوا من جنتهم، بل سيتقدمون يوما بعد يوم ولا يتراجعون.
    وعند قولهم “واغفِرْ لنا” ينشأ سؤال: ألم يغفرِ الله لهم وقد دخلوا الجنة؟ وما الحاجة إلى الاستغفار ما داموا قد غُفر لهم؟
    والجواب أن المغفرة معناها في الأصل سَتر الحالات الناقصة غير الملائمة .. وتغطيتها. فالمراد أن أصحاب الجنة سيطمعون أن ينالوا الكمال التام، وأن يغرقوا في النور كليةً. فدائمًا ما يجدون حالتهم الأُولى ناقصةً عند رؤيتهم الدرجة التالية من الكمال، فيودون تغطية حالتهم الأولى. ثم إذا رأوا درجة الكمال الثالثة تمنوا تغطية حالتهم الثانية .. أي أن تُستر حالتهم الناقصة تلك وتُخفى. وهكذا سوف يظل أصحاب الجنة يتمنون المغفرة غير المتناهية بعد كل مرحلة.
    إن كلمة الاستغفار أو الغفران هي نفس الكلمة التي يطعن بها بعض الجاهلين في نبينا – صلى الله عليه وسلم -. ولعلكم – أيها المستمعون الكرام – قد أدركتم مما سلف أن الرغبة في الاستغفار إنما هي مفخرة للإنسان. فمن كان مولودًا من بطن امرأة .. ومع ذلك لا يتخذ الاستغفارَ دَيْدنًا له في كل حال .. فهو دودة وليس إنسانا، وأعمى وليس بصيرا، ونجسٌ وليس طيبًا.فخلاصة القول إن الجنة والجحيم، بحسب تعليم القرآن الكريم، ليستا شيئًا ماديا جديدًا يأتي من الخارج .. وإنما هما في الحقيقة آثار الحياة البشرية وظلالُها. إنه لحق أن كل واحدة منهما ستتمثل عندئذ مجسمة .. ولكنها لا تكون في الحقيقة إلا آثار الحالات الروحانية وأظلالها. إننا لا نؤمن بجنة هي عبارة عن أشجار مغروسة غرسًا ظاهريا، ولا نؤمن بجحيم فيها أحجار من كبريت مادي، بل الجنة والجحيم – طبقًا للعقيدة الإسلامية – إنما هما انعكاسات للأعمال التي يعملها الإنسان في الحياة الدنيا. (المصدر: كتاب ﻓﻠﺴﻔﺔ ﺗﻌﺎليﻢ الإسلام)
Previous post

الإﻋﺘﺮاض : إن الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني يهاﺟﻢ خصوﻣﻪ ﺑﻘـﺴﻮة، وهذا ﻳﺘنافي مع وجوب الدعوة بحكمة وموﻋﻈـﺔ ﺣﺴﻨﺔ.

Next post

الإعتراض: قال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني إنه “ﻻ ﺗﻮجد ﻣﻌجزة أو كرامة خارقة ﻟنبي إﻻ ﻳــﺸﺎرﻛﻪ فيها آﻻف من الناس” ، ﻓﻤــﺎ هي الحكمة من إﻋﻄــﺎء ﻣﻌجزات الأنبياء لمن هم ليسوا بأنبياء؟ ﻋﻠﻤًــﺎ أن معجزة رسوﻟنا محمد صلى الله عليه وسلم هي القرآن، فهل أُﻋﻄﻴﺖ هذه المعجزة ﻷحد غيرﻩ؟

إرسال التعليق