الإعتراض : ما ﺗﻔﺴير هذا الوﺣﻲ: يريدون أن يروا ﻃﻤﺜﻚ؟
الرد:
لقد شرح الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني المقصود بهذا الوﺣﻲ في كتابه “حقيقة الوﺣﻲ” في سياق حديثه عن عن بابو إلهي بخش الذي ﺳﺐَّ حضرته وﺷﺘﻤﻪ كثيرا ووﺻﻔﻪ بأﺑﺸﻊ اﻷوصاف، فقال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني :كذلك ورد في كتابي “أربعين رقم 4” عن بابو إلهي بخش إلهام نصه: “يريدون أن يروا طمثك، والله يريد أن يريك إنعامه. الإنعامات المتواترة. أنت مني بمنزلة أولادي. والله ولِيُّك وربك، فقلنا يا نار كوني بردا.” أي يريد بابو إلهي بخش أن يرى طمثك أو يطلع على عيب أو مثلبة، ولكن الله تعالى سيُريك إنعاماته المتتالية. ولا طمث لك، بل قد وُلد ولدٌ هو بمنزلة أبناء الله. بمعنى أن الحيض شيء قذر ولكن منه يتكوّن جسم الجنين. كذلك عندما يصبح الإنسان لله يتكوّن جسمه الروحاني من بين شوائب القذارة الطبيعية التي تشوب فطرته. فالطمث نفسه يصبح سببا لرقي الإنسان. لذا فقد قالت الصوفية: لولا الإثم لما أحرز الإنسان أي تقدم. والأمر نفسه كان سببا لتقدم آدم. ولهذا السبب ظل كل نبي عاكفا على الاستغفار نظرا إلى التقصيرات الخفية، وهذا الخوف كان سببا للترقيات دائما. يقول الله تعالى: {إِنَّ اللهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}؛ ففي كل واحد من بني آدم توجد نجاسة الحيض نوعا ما، ولكن الذي يتوب إلى الله تعالى بصدق القلب يكوِّن له الحيضُ نفسُه جسمَ طفلٍ طاهرٍ. وبناء على ذلك فإن الفانين في الله تعالى يُسمَّون أبناء الله، ولكنهم ليسوا أبناء الله حقيقةً لأن ذلك كفر، فالله تعالى منزه عن أن يكون له أبناء. إنهم يُسمّون أبناء الله على سبيل الاستعارة لأنهم يذكرون الله تعالى دائما بحماس القلب مثل الطفل الصغير؛ فقد أشار الله تعالى في القرآن الكريم إلى هذه المرتبة فقال: {فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا}. ولهذا السبب ذُكر الله تعالى بكلمة “الأب” في كتب جميع الأقوام. وهناك تشابه بين الله تعالى والأم أيضا على سبيل الاستعارة؛ وهو كما أن الأم تربِّي الجنين في بطنها، كذلك يتربّى عباد الله المحبوبون لديه في حضن حبه تعالى وينالون جسما طاهرا بدلا من الطبيعة السيئة. إذن، فالأولياء والصوفيون إنما يسمَّون أبناء الله على سبيل الاستعارة، إذ أن الله تعالى منزَّه عن الأبناء ومن صفاته أنه: {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ}.
أما الفقرة: “فقلنا يا نار كوني بردا” الواردة في الإلهامات المذكورة آنفًا، فالمراد منها أن بابو إلهي بخش قد أضرم نار الفتنة في الناس بواسطة كتبه وأننا سنبرِّدها. والحق أن موته قد حقّق جميع الأنباء، الحمد الله على ذلك. (المصدر: كتاب حقيقة الوﺣﻲ).
كما أن حضرته قد وﺿّﺢ المقصود بهذا الوﺣﻲ في كتابه “أربعين.” فقال : أي إن هؤلاء الأعداء يتمنون أن يَروا فيك دمَ الحيض أي يبحثون فيك عن نجاسة وخبثٍ بينما يريد الله أن يُري إنعاماته المتواترة عليك. وكيف يمكن أن تُشبه دم الحيض إذ لم يتبق فيك شيء منه، إذ قد جعل الله ذلك الدم غلاما زكيا من خلال التغييرات الطاهرة، وأن الغلام الذي وُلد من هذا الدم قد خُلق بيدي ولهذا أنت بمني بمنزلة الأولاد. أي صحيحٌ أن جسم الأولاد يتشكل من دم الحيض لكنهم لا يُعتبَرون نجسا كدم الحيض، كذلك قد ترفَّعت وارتقيت من الخبث الطبيعي الذي يستلزم البشريةَ ويشبه دمَ الحيض، فمن الحمق البحثُ عن دم الحيض في هذا الغلام الزكي، فقد صار بيد الله غلاما زكيا وصار بمنزلة الأولاد له. وإن الله وليُّك وربُّك، ولهذا السبب تحظى بمماثلة الله كالمماثلة بين الأب وولده. وإن النار التي أراد مؤلفُ كتاب “عصا موسى” إيقادها قد أطفأناها. إن الله مع الأتقياء الذين ينجزون الحسنات باهتمام وإتقان ويراعون دقائق الورع والتقوى. مما يعني أن الله ليس مع الذين لا يتقصّون الحقائق ويصيرون مصداقَ آية {وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ} ووعَدهم بويلٍ أي جهنم .. (المصدر: كتاب الأربعين)
إرسال التعليق