الإعتراض : ما هو معنى اﻹلهام: “إني آتي ﺳﺮّا كالسارﻗين”؟

الردّ:
إن الإلهام المذكور هو ترجمة حرفية لإلهام ورد باللغة الأردية . في عام 1324ﻫـــــ المواﻓــــﻖ 1906م أﻟّــــﻒ الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني كتابه: “التجليات الإلهية” باللغة اﻷردية. وذكر في ذلك الكتاب الوﺣﻲ الذي ﺗﻠقاﻩ من الله عن وﻗــﻮع خمسة زﻻزل ﻋﻈﻤــﻰ. وكانت كلمات ذلك الوﺣﻲ هي: “أُري ﺑﺮﻳﻖ آياتي هذه خمس مرات” (المصدر: كتاب التجليات الإلهية) ثم أﺿﺎف قاﺋﻼ ما ﺗﻌﺮﻳﺒﻪ: “… وﺗﻔــﺴير هذا الوﺣﻲ أن خمس زﻻزل عظيمة وﻣُﻬﻴﻨــﺔ لتحدﺛﻦ بين حين وآخر ﻹﺛﺒــﺎت صدق هذا اﻟﻌــﺎجز فقط….. وإن كل زلزلة من هذه الزﻻزل لها ﺑﺮﻳــﻖ ﻳــتراءى الله ﺑﺮؤﻳﺘــﻪ، وتجعل أﻓﺌــﺪة الناس هواء، وإنها ﺳــﺘﻜﻮن خارقة ﻟﻠﻌــﺎدة من حيث ﻗﻮتها وﺷــﺪتها وأضرارها، وﺗﻄــير حواس البشر بمـــﺸﺎهدتها….. يا أيها الساﻣﻌﻮن! اسمعوا ﻛﻠﻜـــﻢ أجمعون.. إن هذه اﻷﻧﺒـــﺎء إن ظهرت ﺑـــﺸﻜﻞ طبيعي فاعلموا أني ﻟـــﺴﺖ من عند الله، ولكن إن ﻗُﻠـــﺐ اﻟﻌـــﺎلم رأسا على ﻋﻘـــﺐ عند ﻇﻬﻮرها، وﺟﻌﻠﺖ الناس كالمجانين بسبب ﺷـﺪة اﻟﻘﻠـﻖ واﻻﺿـﻄﺮاب، وأصابت اﻷﺿـﺮار اﻟﺒنايات واﻟﻨﻔـﻮس في أﻃﺮاف كثيرة، فاتقوا الله الذي أظهر هذه اﻵيات كلها….. إلى أين ﻳﻔﺮ الإنسان من ذلك الرب القدير الذي بيده كل شيء حتى الذرّات، إنه يقول: (ﻣــين جورون ﻛــﻰ ﻃــﺮح بوﺷــﻴﺪﻩ آؤﻧﻜــﺎ) ومعناﻩ (إني آتي ﺳﺮّا كالسارﻗين.” (المرجع السابق)
ومن المعلوم أن كلمات هذا الوﺣﻲ قد جاءت في اللغة اﻷردية، وفي تلك اللغة ﻳُـــﻀﺮب المثل باﻟﺮجل أو باﻟﺸﻲء الذي يأتي ﺳـﺮا وﺧﻔﻴـﺔ؛ ﻓﻴقال بأنه جاء ﺧﻔﻴـﺔ كالسارق (جورون ﻛـﻰ ﻃـﺮح)، ويدل هذا المثل على غاية اﻹﺳـﺮار واﻟﻜﺘﻤــﺎن. وﻟﺘﻮﺿـﻴﺢ نفس المفهوم ﺿُـﺮب هذا المثل في اﻹلهام المذكور، وقد أوضح الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني أمر اﻹﺳﺮار واﻟﻜﺘﻤﺎن فقال : “… أي ﻻ يخبر عن ذلك الوقت أي كاﻫﻦ أو ﻣُﻠﻬﻢ أو حالم، سوى ذلك القدر من الخـبر الذي أُﻋﻄَﻰ لمسيحه الموعود ولن ﻳﺰيد عليه شيئًا في المستقبل.”

وأﻣّﺎ أولئك الذين ﻳﻨﺘقدون وﻳﻌﺎرضون وﻳﻌترضون على اﺳـﺘﺨﺪام كلمة ما على سبيل الإستعارة في حق الله تعالى، فإننا نقول لهم بأن عليهم أن ﻳﻔﻬﻤــﻮا الكلمات ﺣـﺴﺐ اﺳــﺘﺨﺪاﻣﻬﺎ في اللغة التي جاءت فيها، فلا يكونوا ﻛــﺒﻌﺾ الهندوس الذين ﻳﻌﻠﻤــﻮن أن كلمة “مكر” في اللغة اﻷردية ﺗﻌــني اﻟﻐــﺶ والخــﺪاع، وﻳﻌترضون بذلك على الكلمة العربية التي جاءت في حق الله تعالى في قوله: “وَٱللَّهُ خَیۡرُ ٱلۡمَـٰكِرِینَ” (آل ﻋﻤــــﺮان : 54)، وقوله تعالى : “ٱللَّهُ یَسۡتَهۡزِئُ بِهِمۡ” (اﻟﺒﻘــــﺮة:15)، ﻓﻴﺰعمون لجهلهم أن إله المسلمين ليس ماكرا ﻓﺤـﺴﺐ بل هو – واﻟﻌﻴـﺎذ باﷲ- أكبر اﻟﻐـﺸﺎﺷين والمخادعين وأنه – واﻟﻌﻴﺎذ باﷲ- ﻳـﺴﺘﻬﺰئ وﻳـﺴﺨﺮ من الناس. ﺑﻴﻨﻤـﺎ معنى المكر في العربية هو اﻟﺘـﺪﺑير؛ ﺣـﺴﻨﻪ وﺳــﻴﺌﻪ. ومعنى اﻵيات أن الله يرد عليهم مكرهم اﻟــﺴﻴﺊ و يجعل عاﻗﺒﺘـــﻪ عليهم، كما يرد عليهم استهزاءهم، وهذا من باب المشاﻛﻠﺔ؛ أي أن تكون اﻟﻌﺎﻗﺒﺔ على شاﻛﻠﺔ اﻟﻔﻌﻞ.

إرسال التعليق