الإعتراض : ما هو معنى اﻹلهام: “إني مع اﻷﻓــﻮاج آﺗﻴــﻚ ﺑﻐﺘـﺔ، إني مع الرسول أﺟﻴــﺐ، أﺧﻄـﻲ وأﺻــﻴﺐ”؟ هل يجوز أن ﻳُﻨﺴﺐ الخطأ إلى الله تعالى؟
الردّ:
المقصود من هذا الوﺣﻲ أن الله سوف يؤيد الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني، وأنه سوف ينصرﻩ باﻷﻓﻮاج السماوية التي تأتي ﻟﻨﺼﺮته، وأن هذه النصرة سوف تأتي ﺑﻐﺘﺔ وﺗُﻔﺎﺟﺊ أعداءﻩ ومعارﺿﻴﻪ، تماما كما يؤيد الله أنبياءﻩ ورﺳﻠﻪ وينصرهم على أعداﺋﻬﻢ في الوقت الذي ﻳﻈﻦ فيه هؤلاء أنهم قد نجحوا في محاصرة دعوتهم ﻟﻠﻘﻀﺎء عليها.
والمقصود من كلمة “أﺧﻄــﻲ” التي أﺻــﻠﻬﺎ كلمة “أﺧﻄــﺊ” هو أن الله تعالى ﻻ ﻳﻨﻔــﺬ ﻋقابه على الناس، بل يمهلهم ويمــﺪّ لهم، ﻓﻜــﺄن قدرﻩ وﻋﺬابه وﻋقابه أﺧﻄــﺄهم، بمعنى أنه لم ﻳــﺼﺒﻬﻢ. كما ورد في الحديث النبوي : “إنَّك لن تَجِدَ طَعمَ حقيقةِ الإيمانِ حتى تعلَمَ أنَّ ما أصابَك لم يكُنْ لِيُخْطِئَك”. وﺗﻌــني كلمة “أﺻﻴﺐ” أنه تعالى ﻳﻨﻔﺬ حكمه وإرادته، وﻳﻘـﻀﻲ ﺑﺘﻨﻔﻴـﺬ ﻋقابه وﻇﻬـﻮر ﺟﻼله وتجلّي ﺟبروته على الناس.
وقد شرح الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني هذا اﻹلهام فقال: “سبحانه وتعالى من أن يخطئ، فقوله “أخطئ” قد ورد على طريق الاستعارة كمثل لفظ التردد المنسوب إلى الله تعالى في الأحاديث.” (المصدر: كتاب حقيقة الوﺣﻲ)
ومن المعروف أنه قد ورد في الحديث القدﺳﻲ الشرﻳﻒ قوله تعالى: “وما تردَّدتُ عن شيءٍ أنا فاعلُه تردُّدي عن قبضِ نفس المؤمن , يكره الموتَ وأنا أكْرهُ مساءتَه” (اﻟﺒﺨﺎري؛ كتاب الرقاق، باب التواﺿﻊ). ففي هذا الحديث يقول تعالى أنه ﻳتردد في ﻗﺒﺾ روح المـﺆمن، ولكن هذا القول وارد بأسلوب الإستعارة؛ إذ تعالى الله عن أن يأﺧﺬﻩ اﻟتردد وﻛﺄنه ﻻ يعرف ماذا يريد أن يفعل، ﻛﺸﺄن الإنسان الذي ﻳتردد في ﻓﻌﻞ أمر ﻷنه ﻻ يأمن عواﻗﺒﻪ وﻻ يدري ﻧﺘﺎﺋﺠﻪ.
كذلك فقد ورد نفس أسلوب اﺳــﺘﻌﻤﺎل الإستعارة في القرآن الكريم، إذ ﻧــﺴﺐ الله تعالى ﻟﻨﻔــﺴﻪ اﻟﻨﺴﻴﺎن حيث قال: “فَٱلۡیَوۡمَ نَنسَىٰهُمۡ كَمَا نَسُوا۟ لِقَاۤءَ یَوۡمِهِمۡ هَـٰذَا”. (اﻷﻋﺮاف:51)
وباﻟﻄﺒﻊ فإن كلمة ﻧَـﻨْــﺴَﺎﻫُﻢْ في هذه اﻵية ﻻ تؤﺧــﺬ بحرﻓﻴﺘﻬــﺎ، وإنما هي اﺳــﺘﻌﺎرة ﺗﻔﻴــﺪ بأن الله تعالى سوف ﻳﺘﺠــﺎﻫﻠﻬﻢ، كما تجــﺎﻫﻠﻮا هم ﻟقاء ذلك اليوم. فاﷲ تعالى ﻣﻨـــﺰّﻩ عن اﻟﻨــﺴﻴﺎن واﻟــتردد والخطأ، وﻟﻜﻨﻬﺎ كلها كلمات ذكرت على سبيل الإستعارة وﻻ اعتراض عليها.
إرسال التعليق