الإعتراض : حديث ابن عباس عن أن الآية “إني متوفيك” (آل عمران : 55) تعني مميتك قد ورد في البخاري معلق بلا إسناد، والأحاديث المعلقة في البخاري ليست على شرط البخاري كما هو حال الأحاديث المسندة في البخاري. كما أن هذا الحديث مرسل لأن ابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس.

الرد :

أولا : الحديث المشار إليه في الإعتراض ليس معلقا كما يزعم المعترض فقد وصل هذا الحديث ابن حجر في كتاب “تغليق التعليق على صحيح البخاري”.

قال ابن حجر:
“وقال ابْنُ عَبَّاسٍ “مُتَوَفِّيكَ : مُمِيتُكَ“. قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : ثنا أَبِي ، ثنا أَبُو صَالِحٍ ، ثنا مُعَاوِيَةُ ، عَنْ عَلِيٍّ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، بِهَذَا.” (تغليق التعليق لابن حجر» كتاب التفسير» من تفسير سورة المائدة 1410/206)

ولقد ذكر الذي قاله العيني في عمدة القاري: “إن تعليق ابن عباس هذا رواه ابن أبي حاتم عن أبيه حدثنا أبو صالح حدثنا معاوية عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس.”. (عمدة القاري شرح صحيح البخاري، بدر الدين العيني الحنفي 27/183)

فلا يصح القول أن هذا الحديث معلق بعدما وصله إمام أهل الحديث الحافظ ابن حجر رحمه الله.
وجدير بالذكر أن الحديث المشار إليه في الإعتراض قد ورد في صحيح البخاري بصيغة الجزم (قال) وليس بصيغة التمريض(يُذكر/ يروى). ومن المعروف في علم الحديث أن البخاري إذا ذكر (قال / رَوَى) ، فهو جزم منه وتأكيد نسبة القول إلى قائله.

ولقد ذكر الطبري في تفسيره الجامع سند الحديث كاملاً من طرف آخر، فقال : “حدثنـي الـمثنى، قال: ثنا عبد الله بن صالـح، قال: ثنـي معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، قوله: { إِنّي مُتَوَفِّيكَ } يقول: إنـي مـميتك.” (تفسير جامع البيان في تفسير القرآن، الطبري ت 310 هـ)

ثانيا : الحديث المشار إليه في الإعتراض ليس مرسل كما يزعم المعترض

لقد قال السيوطي في الإتقان حول تفسير ابن عباس من طريق أبي صالح عن علي : “وَقَدْ وَرَدَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي التَّفْسِيرِ مَا لَا يُحْصَى كَثْرَةً وَفِيهِ رِوَايَاتٌ وَطُرُقٌ مُخْتَلِفَةٌ. فَمِنْ جَيِّدِهَا طَرِيقُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ الْهَاشِمِيِّ عَنْهُ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ “بِمِصْرَ صَحِيفَةٌ فِي التَّفْسِيرِ رَوَاهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ لَوْ رَحَلَ رَجُلٌ فِيهَا إِلَى مِصْرَ قَاصِدًا مَا كَانَ كَثِيرًا” أَسْنَدَهُ أَبُو جَعْفَرٍ النَّحَّاسُ فِي نَاسِخِهِ.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَهَذِهِ النُّسْخَةُ كَانَتْ عِنْدَ أَبِي صَالِحٍ كَاتِبِ اللَّيْثِ رَوَاهَا عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ صَالِحٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَهِيَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَبِي صَالِحٍ وَقَدِ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا فِي صَحِيحِهِ كَثِيرًا فِيمَا يُعَلِّقُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَخْرَجَ مِنْهَا ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حاتم وابن المنذر كثير بِوَسَائِطَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ أَبِي صَالِحٍ وَقَالَ قَوْمٌ لَمْ يَسْمَعِ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ مِنَ ابْنِ عَبَّاسٍ التَّفْسِيرَ وَإِنَّمَا أَخَذَهُ عَنْ مُجَاهِدٍ أَوْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ.

قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: بَعْدَ أَنْ عَرَفْتَ الْوَاسِطَةَ وَهُوَ ثِقَةٌ فَلَا ضَيْرَ فِي ذَلِكَ”
(المصدر: كتاب الإتقان في علوم القرآن؛ جلال الدين السيوطي المتوفى: 911هـ؛ المحقق: محمد أبو الفضل إبراهيم؛ الناشر: الهيئة المصرية العامة للكتاب؛ طبعة 1394هـ / 1974م 237/4)

Previous post

الإعتراض : هل قال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني أنه أفضل من كل الأنبياء مجتمعين ؟. وهل قال: “لقد جاء أنبياء كثيرون ولكن لم يتقدم عليّ أحد في معرفة الله. وكل ما أعطي لجميع الأنبياء أعطيتُ أنا وحدي بأﻛﻤﻠﻪ.”

Next post

الإعتراض : الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني كان يعلم مسبقا بموعد الكسوف والخسوف في رمضان استنادا للحسابات الفلكية فادعى أنه المهدي المنتظر قبل موعد الكسوف والخسوف بقليل .

إرسال التعليق