الإعتراض : ما هو ﺗﻔﺴير اﻹلهام الذي جاء في اللغة اﻷردية وﻗﻴﻞ فيه: “آرﻳﻮن كا بادشاﻩ”؟
الردّ:
ترجمة هذا الإلهام باللغة العربية : “جاء مَلِكُ الآريين”.
في عام 1900م قال الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني بأنه رأى ﻛﺸﻔﺎ وﺗﻠﻘﻰ فيه هذه الكلمات: كان من المقدر أن يظهر كرﺷنا في آخر الزمان وهو أنت ﻣﻠﻚ اﻵرﻳين.
وﺗﻌـــﻮد ﺧﻠﻔﻴـــﺔ هذا النبأ الكريم إلى أن اﻟـــﺸﻌﺐ الهندوسي ينتظر عودة ﻧﺒـــﻴﻬﻢ “كرﺷـــنا” في آخر الزمان؛ الذي هو ﻋﺼﺮنا الحالي، تماما كما ينتظر اليهود والمسيحيون والمسلمون مجيء المسيح، فقد أﺧبر كرﺷنا ﻗﻮﻣﻪ قبل آﻻف السنين أنه سوف يظهر في آخر الزمان قبيل يوم اﻟﻘﻴﺎمة. وهذا اﻹلهام الذي ﺗﻠﻘّـــﺎﻩ الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني يحمل البشرى ﻟﻠـــﺸﻌﺐ الهندوسي بأن كرﺷـــنا الذي كانوا في اﻧﺘﻈـــﺎرﻩ قد جاء وظهر في ﺷـــﺨﺺ الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني، بمعنى أن الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني ﻳُـــﺸﺎبه كرﺷنا في ﺻﻔﺎته وأخلاﻗﻪ، وﺗﺘﻄﺎﺑﻖ كذلك اﻟﻜﺜير من ﻇﺮوف حياتهما، وعلى هذا؛ فهناك اﻟﻜﺜـير من أوجه اﻟــﺸﺒﻪ بينهما، ومن هنا ﻳُﻄﻠــﻖ على الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني اسم كرﺷــنا مشابهة به، كما أﻃﻠـــﻖ الله تعالى أسماء اﻟﻜﺜـــير من الأنبياء الآخرﻳﻦ على الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني لمشابهته إياهم في اﻟﻜﺜير من أخلاﻗﻬﻢ وﻇﺮوف حياتهم.
وفي اﻟﻌﺎدة ﻳﺴﺘﻨﻜﺮ البعض أن يكون كرﺷنا نبيا من أنبياء الله، وذلك تأﺛﺮا بالدعايات واﻵراء التي اﻧﺒﺜﻘﺖ عن الروايات اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ التي زﻋﻤـﺖ بأن الله تعالى قد أنزل وﺣﻴـﻪ وهداﻩ على بني إﺳـﺮاﺋﻴﻞ فقط، وعلى ذلك ﻻ ﻳﻌترف اليهود إﻻّ بالأنبياء الذين جاء ذكرهم في التواة، وﺑﻄﺒﻴﻌـﺔ الحال فإن المسيحيين أﺿــﺎﻓﻮا إلى هذه اﻟقاﺋﻤــﺔ اسم ﻳــﺴﻮع المسيح، ثم جاء سيد الخلق رسوﻻ صادقا من عند الله كما يؤمن بذلك جميع المسلمين. وﺑﺘـﺴﺮب تلك اﻵراء اﻹﺳـﺮاﺋﻴﻠﻴﺔ إلى ﻣﻔـﺎﻫﻴﻢ المسلمين، اﻧﺘــﺸﺮت بينهم تلك اﻷفكار الخاﻃﺌــﺔ التي مؤدّاها أن الله تعالى أنزل ثلاثة من اﻷديان فقط؛ هي اليهودية والمسيحية والإسلام، وباﻟﺘﺎلي فإن الأنبياء الذين أرﺳﻠﻬﻢ الله هم أولئك الذين جاء ذكرهم في التواة، وتكرر ذكرهم في القرآن الكريم.
ولكن هذه اﻷفكار الخاﻃﺌﺔ تقوم على ادعاء اليهود بأنهم ﺷـﻌﺐ الله المختار، وعلى ذلك فإن الله اﺻـــﻄﻔﺎهم من دون الناس جميعا واﺧﺘـــﺼﻬﻢ بهـــﺪاﻩ وشرﻳﻌﺘﻪ، وﺗـــﺒﻌﻬﻢ المسيحيون في هذا الفهم الخاﻃﺊ، إﻻّ أنهم أﺿــﺎﻓﻮا اسم المسيح عليه السلام ، ثم ﺗــﺒﻌﻬﻢ كثير من المسلمين أيضا في نفس الفهم الخاﻃﺊ، إﻻّ أنهم أﺿــﺎﻓﻮا اسم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم . والقرآن الكريم ﻻ يؤيد هذا الفهم الخاﻃﺊ ﺑﺘﺎتا، وﻻ يعني أبدا اﺻـﻄﻔﺎء ﻗـﻮم على العالمين هو أن يختصهم الله بالهدى والدين والهداية والشرﻳﻌﺔ من دون ﺑﻘﻴــﺔ الناس أجمعين، فهذﻩ اﻷمور من اﻟــﻨﻌﻢ التي ﻳــﺸترك البشر جميعا في نوالها، وذلك كما ﻳﺸتركون في نوال ﻧﻌﻤﺔ الهواء والماء واﻟﻄﻌﺎم، ومن غير المعقول أن يخلق الله الملايين من البشر- من غير بني إﺳﺮاﺋﻴﻞ وبني إسماﻋﻴﻞ- وﻳﻀﻊ في فطرتهم معرفة الله تعالى، ثم يحرﻣﻬﻢ من الهدى والشراﺋﻊ التي تقودهم إلى معرفة الله تعالى وﻃﺎﻋﺘﻪ.
ولذلك يقول الكتاب اﻟﻌﺰﻳﺰ:لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلࣰا مِّن قَبۡلِكَ مِنۡهُم مَّن قَصَصۡنَا عَلَیۡكَ وَمِنۡهُم مَّن لَّمۡ نَقۡصُصۡ عَلَیۡكَ” (غافر:78). فليس من المــﺴﺘﻐﺮب أن يكون الله تعالى قد بعث أنبياء إلى اﻟـﺸﻌﺐ الهندوسي وغيرﻩ من ﺷــﻌﻮب اﻷرض كما بعث أنبياء إلى بني إﺳـﺮاﺋﻴﻞ وبني إسماﻋﻴـﻞ. بل إن هذا الفهم الخاﻃﺊ الذي روّجه اليهود في اﻹﺳﺮاﺋﻴﻠﻴﺎت، وورﺛﻪ ﻋﻨﻬﻢ المسلمون، لهو مما ﻳﺘنافي مع آيات الكتاب الحكيم الذي يقول تعالى فيها:
“وَلِكُلِّ قَوۡمٍ هَادٍ” (الرعد:7)
“وَلِكُلِّ أُمَّةࣲ رَّسُولࣱۖ” (يونس:47)
“وَإِن مِّنۡ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِیهَا نَذِیرࣱ” (فاطر:24)
“وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِی كُلِّ أُمَّةࣲ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُوا۟ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُوا۟ ٱلطَّـٰغُوتَ” (النحل:36)
كذلك فقد أنزل الله تعالى ﻟﻜﻞ ﻗﻮم مناﺳﻜﻬﻢ وشراﺋﻌﻬﻢ التي ﺗناﺳﺐ أحوالهم وﻇﺮوفهم قبل نزول الشرﻳﻌﺔ الكاملة في القرآن الكريم، ولذلك قال فيه:
“وَلِكُلِّ أُمَّةࣲ جَعَلۡنَا مَنسَكࣰا لِّیَذۡكُرُوا۟ ٱسۡمَ ٱللَّهِ” ( الحج:34)
“لِّكُلِّ أُمَّةࣲ جَعَلۡنَا مَنسَكًا هُمۡ نَاسِكُوهُۖ فَلَا یُنَـٰزِعُنَّكَ فِی ٱلۡأَمۡرِ” (الحج:67)
“لِكُلࣲّ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةࣰ وَمِنۡهَاجࣰاۚ وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمۡ أُمَّةࣰ وَ ٰحِدَةࣰ” (المائدة:48)
فليس من المعقول أﻻ يبعث الله تعالى أي هاد أو نبي إلى اﻟـﺸﻌﺐ الهندوسي الذي ﻳُﻌـﺪّ من أقدم اﻟــﺸﻌﻮب، نعم إن هؤلاء الناس قد ﺿــﻠﻮا عن شرﻳﻌﺘﻬﻢ التي أصابها اﻟﺘﺤﺮﻳــﻒ والتغيير، تماما كما أصاب ذلك شرﻳﻌﺔ بني إﺳﺮاﺋﻴﻞ، بل مما ﻻ شك فيه أن الانحراف عن شرﻳﻌﺔ الله عند الهندوس أﺷﺪ من انحراف اليهود، وكتاب الهندوس المقدس قد أصابه اﻟﺘﺤﺮﻳـﻒ والتغيير أكثر مما أصاب التواة، وﺿﺎﻋﺖ ﻣﻌﻈﻢ التعاليم اﻷساﺳﻴﺔ التي جاء بها أنبياء الهندوس، حتى صار ﺗﻌـﺪد اﻵلهـﺔ أمرا ﻣﻘﺒـﻮﻻ في ديانتهم، وغاب منها التوحيد كما اتخــﺬ المسيحيون عيسى ﺑــﻦ مريم وأﻣّــﻪ إلهــين من دون الله. ولكن كل ذلك ﻻ ﻳﻨﻔــﻲ أن أﺻــﻞ تلك اﻷديان قد اﻧﺒﺜــﻖ من عند الله تعالى عن طريق الأنبياء الذين أرﺳﻠﻬﻢ الله في زمانهم بالهدي المستقيم.
ولهذا فإنه ﺣﻴﻨﻤﺎ أوﺣﻰ الله تعالى إلى الإمام ميرزا غلام أحمد القادياني أنه “كرﺷنا”، نبي الهندوس المنتظر، فإن هذا على سبيل المجاز والمشابهة، حتى يعلم الهندوس أنه جاء ﺣــﺴﺐ النبوءات التي ذكرها ﻧﺒــﻴﻬﻢ كرﺷنا، وﻟﺘـﺘﻢ الحجة عليهم، وليهتدي الصالحون منهم إلى دين الإسلام الذي يدعو إليهالإمام ميرزا غلام أحمد القادياني ، ﻓﻴـــﺴﻤﻌﻮا لدعوته، ويؤمنوا بالإسلام اﻟـــﺼﺤﻴﺢ، وبذلك يكون ﻣﻠﻜـــﺎ عليهم من اﻟناحية الروحانية.
إرسال التعليق